دور الإمـام العز بن عبد السلام فــي دفـــع التشبيــه وتقريـــر التنزيــه

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة- جامعة الأزهر الشريف

المستخلص

إن تناول قضية شائکة اختلفت الأفهام حولها کقضية التشبيه والتنزيه، أمر له أهميته في ظل هذه الهجمة الشرسة على عقائد المسلمين، واستجلاء رؤية إمام کبير من أئمة الإسلام کالإمام العز بن عبد السلام في مسألة کهذه أمر يعيد الأمور إلى نصابها؛ فالإمام العز بن عبد السلام لُقب في التاريخ ببائع الملوک، وإيمانه الراسخ بالله أورثه هيبة أفزعت الملوک والأمراء منه، وهذا من شأنه أن يورث قدوة حسنة للعلماء الذين يتحدثون عن الإسلام، وعلى أية حال فإن الإمام العز قمع هامة المشبهة، فبين أصنافهم، وخطورتهم على الأمة وأنهم قوم قد عطلوا عقولهم فتبع ذلک أنهم نسبوا إلى الله تعالى ما لا يليق ،وزعموا أن هذا هو مذهب السلف، والسلف منهم براء، ودعا الأمة إلى أن تتصدى للمشبهة، وأن تجاهد في سبيل ذلک مجاهدة علمية بأن تقارع الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان حتى يهلک من هلک عن بينة، ويحيا من حيَّ عن بينة،وقد تصدر الإمام المشهد ففند مقالتهم في النصوص الموهمة للتشبيه، وبين أن هذه النصوص لها محامل صحيحة على ما تقتضيه أحکام اللسان العربي؛ وأن اللغة العربية بها الحقيقة، والمجاز وأن أکثر اللغة جار على المجاز وبذا قطع الطريق على المشبهة الذين يتشبثون بظواهر النصوص حتى يوغلوا في التشبيه.
وفند الإمام مقالة المشبهة في قدم الحرف والصوت، وأن هذا قول يناقض الحس، وأثبت أن الحرف والصوت حادثان على ما تقتضيه ضرورة العقل، وشهد بذلک النقل، ومن ثم فإن کلام الله تعالى منزه عن الحروف والأصوات .   
وبعد أن قام الإمام العز بدفع التشبيه وتفنيد مقالاته، قام بتقرير التنزيه، فدعا المؤمنين إلى تنزيه الذات الإلهية بسلب النقائص عنها واعتقاد ما يجب لهم لها من القدم، والبقاء، والمخالفة للحوادث، والقيام بالنفس والوحدانية، وأنه سبحانه متفرد بالإلهية والاختراع، وأن هذا الاعتقاد يورث المؤمن سلوکاً مرضياً وحالاً قويماً فيؤثر خالقه على کل ما سواه .
ثم شرع الإمام العز رحمه الله فقرر تنزيه الصفات، وأن الباري سبحانه موصوف بصفات أزلية أبدية أحدية هي العلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والکلام والحياة، وأن هذه الصفات لا تشبه صفات المخلوقين، وهي متحدة قائمة بذاته لا تعدد فيها هذا عن الصفات الذاتية.
أما الصفات الفعلية فهي حادثة ومن متعلقات قدرته لاستحالة قيام الحوادث بذاته، وهي أي الصفات الفعلية خارجة عن ذاته سبحانه، ثم بين الإمام رحمه الله أن الأسماء الحسنى تدل على تنزيه المولى عزوجل، وأن الأسماء الحسنى تندرج تحت کلمات أربع هي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أکبر، فسبحان الله تسلب النقائص، والحمد لله تثبت الکمالات مما يندرج تحتها من أسمائه الحسنى، والله أکبر تؤکد تعاليه سبحانه عما أثبتناه، وعما نفيناه، ولا إله إلا الله تؤکد استحقاقه سبحانه بالعبودية، ومن جميل ما فعله الإمام العز أنه ربط تلک المباحث العقدية الدقيقة بسلوک المؤمن؛ فکانت تلک المباحث حية في سلوک المؤمنين بعد أن اطمأنت بها قلوبهم .
 
والله الموفق والهادى إلى سواء السبيل

الكلمات الرئيسية