قضية الترک تأصيلا وتطبيقا بين منهج النبوة ومسالک التطرف

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الأديان والمذاهب، کلية الدعوة الإسلامية، القاهرة، جامعة الأزهر، مصر

المستخلص

يعالج البحث بعض الإشکالات الفکرية في الاستنباط والاستدلال، بتوجيهِ النظرِ إلى وجهٍ من وجوه الفهم المنغلق للمتطرفين، وذلک في اعتماد مطلق الترک "المجرد عن القرائن" مصدرا تشريعيا، يصلح للاستدلال على المنع من ارتياد أمرٍ قد ترکَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فِعلَه، وهذا لا يستقيم طبقا لمسلمات المنقول والمعقول، بل غير مستساغ منهجيا على اختلاف المذاهب والعقول، وترفضه کل المناهج البحثية التي ورثناها عن علمائنا الأوائل والأواخر الذين تلقت الأمة تراثهم بالقبول، خاصة في الفقه والأصول، فلا نعلم أحدا من الأصوليين أو الفقهاء قد عدَّ (مجرد الترک) مصدرا تشريعيا، أو من الأدلة الإجمالية أو التفصيلية، أو مجالا معرفيا تُستَقى منه أحکام المنع والتحريم فضلا عن التجريم والتبديع والتفسيق.. اللهم إلا الإباحة؛ التي هي الأصل في الأحکام وفيها استوى الطرفان: "الترک والفعل"، وتوصَّل البحث إلى أنَّ قضية الترک من القضايا المظلومة في الفکر المتشدد، وهي الأمور التي لم يثبت أن رسول الله قام بفعلها، أو أمر بترکها، مع اندراجها في المباح تعوُّدًا، أو المندوب تعبُّدًا، وکذلک باستقراء کلام الأصوليين عن الترک تبيّن أنهم يوردون الکلام عن الترک باعتباره فعلا من عدمه، (من حيث هو فعل للمکلّف، لا من حيث کونه دليلا على الفعل) وذلک في معرض الکلام عن "النهي أو النفي المتضمَّن في الخطاب التکليفي وتعلقه بفعل المکلَّف"، أما النهي فمقتضى التکليف فيه محل خلاف بين العلماء ويدور بين الکف الذي هو فعل (الانتهاء)، وبين العدم الأصلي الذي هو عدم الفعل (الانتفاء)، وأيضا ظهر من البحث أن الاغترار بالترک من قِبَل العامة وبعض الدعاة يرجع إلى عدة أسباب، أهمها: السطحية في الفهم، والانتقائية في التناول، والانزواء مع ضيق الأفق في التطبيق، إضافة إلى غياب فقه الواقع من خلال سحب الزمن السابق على العصر الحاضر، وعدم إمکانية فض الاشتباک وإزالة الاشتباه بين ثلاثية "المناهج – السقف المعرفي – البعد الزمني"، إلى غير ذلک من الخصومات مع منهجية الأزهر الشريف في التنظير والتطبيق، والتلقين والبلاغ، والتعليم والتدريب. 

الكلمات الرئيسية